منذ بضعة أشهر، جاءت سيدة في أواخر الستينات إلى استقبال الطوارئ برفقة ابنها الشاب، وقد كانت تعاني جرحًا في جبهتها بسبب ارتطام رأسها بالدَّرَج بعد أن انزلقت قدمها في حين نزول الدرج (هكذا قال الابن على أي حال). بعد فحص المريضة جيدًا والاطمئنان على حالتها العامة والتأكد من عدم وجود إصابات أخرى، بدأت في تقطيب الجرح بخيط جراحي رفيع، وبقُطَبٍّ متفرقة متقاربة كي لا يترك الجرح ندبة كبيرة فيما بعد (وهو ما يستلزم وقتًا وتركيزًا كبيرين عادةً)، وحين شارفت على الانتهاء، باغتني الابن بسؤال مفاجئ… الابن: تشرب عصير قَصَب يا دكتور؟ فأجبته على الفور: لا شكرًا، ربنا يخليك. فأجابني على فَورٍ أكثر فورانًا من فوري: لا أنا أقصد الحاجَّة! 🙂 أنا: هاه؟ آه، الحاجة… هاها… انت بتقول إن عندها السكر، صح؟ خلينا نقيس لها السكر الأول… ههه! 😅 استغرق هذا الموقف ثواني معدودة، وجدت بعدها زميلتي الممرضة التي تساعدني تكتم ضحكاتها فلا تستطيع وتبتسم لا إراديًا بين الحين والآخر؛ فتظاهرتُ بالانهماك في العمل وكأن شيئًا لم يحدث، إلى أن انتهيتُ من تقطيب الجرح ووصف العلاج وتعليمات الغيار وموعد فك الخيط، وفررتُ هاربًا إلى مكان يمكنني الضحك فيه دون أن يسمعني أحد! 😂

انتهيتُ قبل قليل من مشاهدة فيلم Minimalism وقد ترك في أثر كبير جعلني أفكر وأتأمل في سقف حجرتي لبعض الوقت بعد انتهائي منه.ما هي الأشياء المهمة في الحياة؟لماذا تحولنا إلى مجتمعات استهلاكية بشراهة؟هل الأشياء التي نشتريها هي التي تجلب لنا السعادة؟هل نمتلك الأشياء حقاً أم هي التي تمتلكنا؟انظر حولك في غرفتك أو المكان الذي تعيش فيه، من كل هذه الأشياء التي حولك ما هي الأشياء التي تستخدمها؟ أو بمعنى أدق ما هي الأشياء التي تضيف قيمة لحياتك؟البشر دائما يبحثون عن المزيد والمزيد من كل شيء. المزيد من المال، المزيد من الملابس، المزيد من الطعام والشراب، المزيد من الأجهزة، المزيد من مساحة الهاتف، المزيد من مساحة المنزل. بحث دائم بلا انقطاع عن المزيد.